السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه وسلم ، أما بعد
فإن الأيام تذوي يوماً يوما ، والعمر ينقضي شيئا فشيئا ،
والحياة تسير بنا لا تقف لحظة . فهذا الطفل قد نما ، وذاك الشاب قد
انحنى ،
وذلك الشيخ قد واراه التراب ، فمهلا مهلا بني
الإنسان ، فإن الحياة ليست خالدة ،
إنها ظل زائل ، وعارية مسترجعة ، أيامها تفنى ، وزهرتها تيبس ،
وسعادتها تذهب ،
ويبقى منها عمل الإنسان خيره وشره ، ويعود الإنسان ليحاسبه الله على عمله
خيره وشره .
فلا يحسن بك أن تقضي أيامك التي تذهب ولا تعود ، بما يعود عليك بالحسرة والندم ،
فاغتنم هذه الساعات ، سخّرها في طاعة الرحمن ، فهي كنز ثمين ،
ثمنه لا يقدر بمال .
جهل أناس حقيقة الدنيا وغاية وجودهم فيها ، فتاهوا حيارى ،
وضلوا في منحنيات الطريق ، فلم يفيقوا إلا وملائكة الموت تسل أرواحهم ،
عند ذلك تذكروا ـ والألم يعصف بالنفوس والحسرة والندم تعصر القلوب ـ
تذكروا العمر المنقضي فيما لا يفيد ولا يجدي ، فتأوهوا التأوه الذي لا يغني ،
وعلموا أنهم ضيعوا الحياة .
دعنا نفسح للحق في نفوسنا سبيلا ، دعنا نعرف حقيقة الحياة .
إن الحياة التي تخلو من السير على المنهج الإلهي ،
إن الحياة التي لا تتصل برب الحياة ،
إن الحياة التي تنخلع من ظل شريعة الله ، إنها لحياة تافهة ،
يعيش صاحبها يقاسي في نفسه لوعة ، وفي روحه جوعة ،
لأنه يعيش بدون أن يشعر بوجوده الحق ، وبدون أن يعرف سبيله ،
فاعرف ربك تعرف نفسك ، وتعرف سعادتك ، وتُهدى لغايتك ،
وبدون ذلك حياتك سراب يلمع في وهج الشمس في حرّ الهاجرة ،
يخيل لك أنه شيء يغني ويقني ، ولكنه لا شيء . إنه سراب